سوريا بعد الأسد... حين لا يجد الناس صوتًا يعكس وجعهم

سوريا بعد الأسد... حين لا يجد الناس صوتًا يعكس وجعهم
رأي: محمد الشماع


منذ رحيل الأسد، لم يبدأ الانتقال كما توقّعنا، بل بدأ الناس يكتشفون أن غياب النظام لا يعني بالضرورة حضور الوطن. السلطة الجديدة تطرح مشاريع ومؤتمرات، والإعلان الدستوري يُكرّس رؤية لم تُستشار فيها الناس. قد يقول البعض إن هذه مجرد مرحلة، لكن السوري العادي يشعر أن الفجوة تتّسع، لا تضيق.

لا نوجّه هنا لومًا، بل نطرح تساؤلات حقيقية: هل نحن نشهد انتقالًا أم إعادة ترتيب؟ هل تتسع هذه السلطة للناس، أم تُدار بلغة التوازنات لا بلغة الاحتواء؟

النخب التي وعدت بالتمثيل الشعبي، أثبتت في اللحظة الأصعب أنها منفصلة عن وجع الناس. لم تقدّم رؤية جامعة، ولم تُنتج خطابًا يُطمئن الخائف، بل راحت تتبادل المواقع وتكرّر المصطلحات. صرنا أمام من يُسمي نفسه نخبة، لكنه يبيع الموقف كما تُباع البضائع الفكرية في أسواق السياسة.

 بين الإعلان الدستوري ومؤتمر الحوار... هل تم استشارة الناس؟

الإعلان الدستوري منح صلاحيات واسعة للرئيس، ومؤتمر الحوار الوطني غاب عنه أطراف محورية. قد تكون هذه خطوات تنظيمية، لكنها بدت للكثيرين كأنها تُملى من فوق، لا تُنبع من حاجة الناس في الأرض.

في السويداء، وفي الساحل، وفي الشمال الشرقي، تنفجر التعقيدات دون أن نشهد خطابًا رسميًا يعترف بوجع الناس، أو يعرض رؤية لحماية المجتمع. بدلًا من الإنصات، يُعلَن عن إجراءات أمنية ووقف للأحزاب السياسية. وكأننا لا نُؤسّس وطنًا، بل نُعيد تنظيم الصمت.

 الجيش الوطني... والتعدد المقيد

الحديث عن جيش وطني كان حلمًا، لكن الواقع حتى الآن يُظهر أن الفصائل لا تزال حاضرة بأسمائها وتبعيتها، وإن غُلّفت بلغة وطنية. ما يطلبه الناس ليس فقط وحدة عسكرية، بل توحيد للنية... توحيد في منطق الوطن الواحد لا منطق المناطق والنفوذ.

 الوعي السوري بين الخوف والمساءلة الهادئة

في لحظة كهذه، لا أحد يُريد أن يهاجم السلطة، ولا أن يزيد الجرح. الخوف ليس وهمًا، بل حقيقة يعيشها كل من يرى الفوضى تقترب من بيته. لذلك، نحاول أن نسأل فقط: هل تسمعنا هذه السلطة؟ هل تفهم أن السوريين يريدون دولة تحميهم من التاريخ لا تُعيدهم إليه؟

 ليست دعوة للمواجهة، بل دعوة لفهم اللحظة بضمير حي

سوريا لا تحتاج من يُدين ويصرخ فقط، بل من يُنصت ويكتب وينقل قلق الناس بلغة مسؤولة. إن الشعور بالاستخفاف لا يأتي من قرار واحد، بل من تراكم إشارات لا توحي بأن الناس في صلب هذه المرحلة.

نُسجّل هذا الكلام لا لنُدين، بل لنُذكّر أن الشعب السوري لن يتعب من المطالبة بحقوقه، ولو بلغة خافتة. وأن كل من يكتب اليوم، يكتب من باب الحب والخوف، لا من باب العداء أو التهديد.


شاركه على جوجل بلس

عن Editor

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق