بقلم: شيرين بارون
”
أحدهم مات في الملهى الليلي … و آخر مات في المسجد … الأول كان ذاهباً لوعظ الناس و
الثاني كان ذاهباً لسرقة أحذيتهم من على باب المسجد !!… الخلاصة :” لا تحكم على الناس
دينياً بظاهرهم ” و … خليك في نفسك !!”… ايوه خليك في نفسك … إصلحها و زكيها و قومها
و إرجعها لأصل فطرتها التي ترفض كل ما هو خبيث قبيح و تهرول حد الجري نحو كل جميل
… ليس من حق احد كائن من كان ان يعقد من نفسه ” إلاهاً ” يحاكم الآخر و يقيمه و يقدر
ما اذا كان مثواه ” الجنة ” ام ” جهنم ” و بئس المصير !!… و لعل هذا هو احد اهم أسباب
مطالبتنا و غيرنا بـ ” العلمانية ” في ” مصر ” بحيث يكون التقييم الحقيقي للفرد هو
مدى إلتزامه بالقوانين المعمول بها في دولة القانون المحكومة بمؤسسات المجتمع المدني
… أما تدين الإنسان فهو أمر شديد الخصوصية و لا يفترض ان يكون الحكم و الحد و الفيصل
!!… و للعلم أقول ان ” الإسلام ” دين علماني حتى النخاع !!… فالحكم فيه على السلوك
و الأخلاق و مدى الإلتزام بقوانين المعاملات الإنسانية ” و … ” لو كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ
الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ” و ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ
هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
(125) ” … البعد عن ” الفظاظة ” و ” غلظة القلب ” و الإلتزام بقوانين المعاملات الإنسانية
” الحكمة ” و ” الموعظة الحسنة ” … لا قال ” زبيبة الصلاة و الدقن ” و لا جاب سيرة
” الحجاب ” و لا حتى حتى جعل من الإلتزام بالتكاليف ” الصلاة و الصوم الخ ” هي معيار
الحكم – اذا كان ولابد من أن ننصب أنفسنا حكاماً – على الآخر !!… من هذا نرى ان ” الإسلام
” كدين هو ” دين علماني ” بحت !!… ترك تقييم و تحديد مصداقية الإيمان من خلال أداء
التكاليف ” لله ” فقط … اما ما دون ذلك من أخلاقيات و قوانين إنسانية فهي ما يجب أن
تسود و تعم بين البشر و إلا لحُكمت ” دولة الإسلام الأولى ” بالشريعة و هو ما لم يحدث
!!… و هناك أدلة تاريخية كثيرة في الواقع تؤكد هذا المنظور منها حادثة السيدة التي
ذهبت الى الرسول قائلة أنها ” زانية ” و تريده ان يطبق عليها ” حد الزنا ” فما كان
منه إلا أن ردها و لم يقبل !!.. من باب ” إن الله عفو كريم يحب العفو ” و أيضاً ” أنه
حليم ستار “!!… حتى أتته مرة و أخرى مصرة على تطبيق الحد فأقامه عليها بناءاً على رغبتها
هي و ليس لأن تطبيق ” الحدود ” كان هو السائد وقتها !!… كذلك قصة اللص الذي سرق طعاماً
ليأكله في ” عام الرمادة ” أبان فترة حكم الخليفة عمر بن الخطاب حيث اشتد الجوع جدا
وهلك الناس فحصل بعض السطو على بعض الطعام ممن قد قاربوا الهلاك … الخلاصة أننا ما
زلنا نؤكد على أن ” العلمانية ” – فصل الدين عن الدولة – هي الحل الأمثل للكثير من
المشاكل في ” مصر ” خاصة اذا فهم الكثيرين ان ” العلمانية ” لا تعني ” الإلحاد ” و
الدليل ان ” بريطانيا ” – مؤسسة و مرسخة فكرة العلمانية و أول و أكبر بلد علماني في
العالم – لا زالت تقام على أراضيها الكنائس و يذهب الكثيرين للصلاة فيها … كذلك الحال
في دول مثل النمسا و إيطاليا و فرنسا – و الأخيرتين تقام تماثيل للسيدة العذراء و المسيح
على الطرقات و أمام المنازل و يذهب الناس للصلاة في الكنائس و يحتفلون بالأعياد رغم
أن بلادهم علمانية -… إذاً ” العلمانية ” ليست ضد الدين بل هي صميمه !!… و يا سيدي
الفاضل لم تَخَلَّق الأديان لإتعاب البشر و حضهم على الكراهية و القتل و الإقتتال
!!… لم تَخَلَّق الأديان لسجن النساء في قوالب و قضبان من الأقمشة السوداء و إختزال
إنسانيتهن في مجموعة من الأوصاف المنتقصة التي لا سند او إعتبار او وجود لها في النصوص
القرآنية !!… لم تَخَلَّق الأديان لتقييد الحريات و إضفاء القيود على السلوكيات و خنق
المؤمنين بها بقوانين ” الحدود ” – التي لو راجعنا النص لوجدنا انها فرضت على المتجاوزين
في حق أنفسهم و المتجاوزين في حق مجتمعاتهم و لم تفرض على الغير محجبة أو من لا يصلي
و لا يزكي و لا يحج او حتى شارب الخمر و غيره -!!… و من هذا كله ندرك حقيقة الأديان
التي ما هي الا ” علم إجتماع ” بحت القصد منه تأديب و إصلاح و تهذيب المجتمعات و ليس
حكمها و …. أرني سلوكك و أخلاقك أقل لك ما دينك !!… و دمتم.
صوت العلمانية
0 التعليقات:
إرسال تعليق